كلمة الرئيس المنتدب عزيمان المجلس الأعلى للتعليم CSE 2013
منظومتنا التربوية معتلة، بشهادة مختلف الفاعلين، السياسيين منهم والاقتصاديين والاجتماعيين والثقافيين والتربويين؛ تشخيص تتقاسمه نتائج الملتقيات والندوات المختلفة، كما تعكسه توجسات المتعلمين وآبائهم وأمهاتهم، ويردد صداه أهل الخبرة والاختصاص. وعلى كل حال، فإن ناقوس الخطر قد دقته، الصيف الماضي، أعلى سلطة في البلاد، مع الدعوة إلى وجوب القيام بوقفة \"لمساءلة الضمير\" والعمل على إعادة التأهيل والبناء.
مساءلة الضمير هذه تتطلب قسطا وافرا من الرصانة والموضوعية والاستقامة، وتستدعي القطع التام مع الأحكام المسبقة الذائعة حول وجود لعنة أصلية ودوامة تراجعية أضحت ملازمة للمنظومة؛ ذلك أن اختلالات المنظومة التربوية ليست قدرا محتوما في جميع الأحوال. هذه المساءلة تستلزم أيضا القطع مع الوصفات الجاهزة ومفاعيل العصا السحرية ومختلف صيغ الحلول السهلة، لأن الموضوع في غاية التشعب. هذه \"الوقفة\" التي ستخول \"تحديد المنجزات ورصد النواقص والاختلالات\" رهينة بإنجاز تقويم نزيه وحازم لمسار المنظومة التربوية، ووضع تصور رصين يندرج في المدى البعيد، بما يتطلبه ذلك من دقة وتأن.
إن عملية إعادة البناء تتطلب أولا إعادة النظر في الفلسفة الناظمة للمنظومة التربوية ولآليات اشتغالها، فالمجال التربوي الوطني ظل يعاني لردح من الزمن من الفجوة القائمة بين التنظير والتفعيل، ومن الهوة الفاصلة بين الأفكار والتطبيق، ومن الفارق بين الغايات الكبرى للإصلاحات وترجمتها إلى حلول عملية. فحكامة منظومة بدرجة كبيرة من التعقيد، وترابط الخيارات الاستراتيجية والسياسات العمومية وبرامج العمل وتصريفها في شكل إجراءات ونقلها إلى داخل الفصل الدراسي، كلها مقومات تقع في صميم أي إصلاح لأي منظومة تربوية.
هذه المساءلة وهذا البناء الجديد لا يستقيمان بدون مشاركة واسعة في التفكير وفي العمل، باعتبارها النهج السليم للانخراط الفعلي لكل الأطراف المعنية ولتحمل الفاعلين المسؤولية، كل من موقعه داخل هذا النسق، بل لتعبئة وطنية حول إصلاح المنظومة التربوية.
هذه هي الفلسفة التي تؤطر مبادرة المجلس الأعلى للتعليم بفتح مشاورات موسعة، شملت كل من له رأي في الموضوع وكافة المواطنات والمواطنين الذين أبدوا استعدادهم للإسهام في النقاش من خلال جلسات استماع، ومساهمات مكتوبة، وبحوث ميدانية، وذلك من أجل ضمان إشراك أكبر عدد ممكن من المغاربة في \"مساءلة الضمير\" هذه وفي اقتراح مداخل للعمل.
في الإطار نفسه، أطلق المجلس مشروعا لتقويم حصيلة تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين، من خلال تقويم منجزاته ونواقصه وإخفاقاته، بما يسمح بتفسير أسباب عدم توفق تطبيق الميثاق في إنتاج الأثر المتوخى.
وهو الإطار نفسه الذي يحكم اليوم إطلاق المجلس لموقعه الإلكتروني هذا في صيغته الجديدة؛ صيغة تروم الإخبار بسير تقدم أشغاله، وجس نبض المجتمع بخصوص الأفكار التي يقترحها، وتقاسم انشغالاته وتجميع الملاحظات والتعاليق والتحليلات التي يود المواطنات والمواطنون الإسهام بها في سبيل إعادة بناء المنظومة التربوية والتحسين المستمر لأداء المدرسة المغربية.