الخطب الملكية السامية:
نحو رؤية استشرافية لموقع التوجيه التربوي في منظومة التربية والتكوين
اطار في التوجيه خالد فتاح
إن المتأمل للخطب الملكية السامية، وخاصة خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب لسنة 2013، سيدرك المكانة المتميزة التي يجب أن يحظي بها التوجيه التربوي في المنظومة التربوية المغربية. حيث أكد جلالته " ...أن انخراط الشباب في هذا الخيار الاستراتيجي٬ يظل رهينا بمدى تأهيله وإعداده للمستقبل٬ وهذا ما يحيلنا على المنظومة التربوية٬ وقدرتها على تكوين الأجيال الصاعدة٬ وإعدادها للاندماج الكامل في المسار التنموي الديمقراطي للمجتمع. لذلك يتعين الانكباب الجاد على هذه المنظومة٬ التي نضعها في صدارة الأسبقيات الوطنية. هذه المنظومة التي تسائلنا اليوم٬ إذ لا ينبغي أن تضمن فقط حق الولوج العادل والمنصف٬ القائم على المساواة٬ إلى المدرسة والجامعة لجميع أبنائنا. وإنما يتعين أن تخولهم أيضا الحق في الاستفادة من تعليم موفور الجدوى والجاذبية٬ وملائم للحياة التي تنتظرهم."،
تتموقع إشكالية التوجيه، عموما، في نقطة تلتقي فيها دينامية تطور العالم السوسيو- اقتصادي للمجتمعات ودينامية النمو الشخصي للأفراد. وقد شهدت هذه الإشكالية تغيرات عديدة في منطلقاتها ومبادئها ومقارباتها وممارساتها، منتقلة من منظور يستند على مبدأ " مهن الآباء، لمهن الأبناء" إلى منظور تشخيصي- تنبؤي تمحور حول تدبير التوافقات بين خصوصيات الأفراد ومتطلبات المهن، وانتهاء بمنظور تربوي تمركز حول البحث عن الآليات الكفيلة بتكوين وتنمية هويات شخصية ومهنية لدى الأفراد مدى الحياة.
ومن هذا المنطلق، فقد أصبح التوجيه التربوي مرتكزا من بين المرتكزات الأساسية التي يمكن الاستناد إليها لضمان التعلم مدى الحياة، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية . وهو الأمر الذي جعل منه، في العديد من البلدان، جزء لايتجزأ من مكونات أنظمتها التربوية، ومنطلقا لبناء مناهجها، ومحركا أساسيا لكل نشاطاتها. حيث أصبح الحديث، في العديد من هذه البلدان، عن التربية على المهن، والتربية على الاختيار، والتربية على التوجيه، ، والمدرسة الموجهة،.... وذلك بهدف يسعى، من جهة، للعمل على تفتح شخصيات المتعلمين والرفع من حافزيتهم للتعلم مدى الحياة، ومن جهة أخرى، خدمة لمجتمعاتهم والمساهمة بإيجابية في تحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية.
وقد تمركزت أهداف المقاربات التربوية للتوجيه إلى اكتساب المتعلمين كفايات تؤهلهم للتكيف والتموقع مع متغيرات ذواتهم، ومتغيرات بيئاتهم المدرسية والتكوينية والمهنية، ومساعدتهم على بناء مشاريعهم الشخصية<sup </sup<sup</sup. وبالنظر لشمولية هذه الكفايات، ولتقاطعاتها الكبيرة مع ما تسعى المدرسة تطويره من كفايات لدى المتعلمين، فهده المقاربات اعتبرت أن تطويرهذه الكفايات لايمكن أن يتم فقط عبر أنشطة خاصة بالتوجيه التربوي، بل يقتضي استحضارها في مجمل نشاطات المتعلم المدرسية والحياتية، وبإشراك جل الفاعلين المحيطين به داخل المدرسة وخارجها.
وانسجاما مع هذا التوجه، أصبح التوجيه التربوي شأنا تربويا عاما، يتقاسم تحقيق أهدافه جل فاعلي النظام التربوي، وخاصة المدرسين، بحكم التداخل والتكامل والانسجام بين ما تطمح الأنشطة الإعتيادية للتعلم تحقيقه من أهداف، وبين ما تهدف إليه الممارسات التربوية للتوجيه<sup</sup. وذلك من خلال مبدأ يتأسس على كون تدخلات المدرسين في التوجيه لاتعتبر عبئا إضافيا عليهم، بل على العكس من ذلك، فاستحضار مفاهيم التوجيه في الممارسة المهنية للمدرسين، يساهم في إغناء وإثراء المحتويات الدراسية، وتحفيز المتعلمين على التعلم والنجاح.
وبالرجوع للنظام التربوي المغربي، نجد أن التوجيه التربوي حضي باهتمام خاص في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، حيث اعتبره دعامة أساسية من دعاماته للتغيير، وصرح بكونه "جزء لا يتجزأ من سيرورة التربية والتكوين، بوصفها وظيفة للمواكبة وتيسير النضج والميول وملكات المتعلمين واختياراتهم التربوية والمهنية".
وانسجاما مع ذلك، فقد أولى الكتاب الأبيض لمراجعة المناهج ،اهتماما واضحا بمجال التوجيه التربوي، وذلك من خلال اعتبار التربية على الاختيار مدخلا أساسيا من بين مداخل مراجعة المناهج، وكذا في طبيعة الكفايات التي أكد على تطويرها لدى المتعلمين، والمتمثلة في: الكفايات المرتبطة بتنمية الذات، والكفايات القابلة للاستثمار في التحول الاجتماعي، والكفايات القابلة للتصريف في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدا أنها يمكن أن تأخذ طابعا "استراتيجيا أوتواصليا أومنهجيا أوثقافيا أوتكنولوجيا.
وتفعيلا لذلك، أصدرت وزارة التربية الوطنية، بتاريخ 19غشت2005، المذكرة رقم 91 كإطار تنظيمي لمجال الاستشارة والتوجيه، حيث صرحت بأن المقاربة المعتمدة في التوجيه هي المقاربة التربوية، مؤكدة على ضرورة جعل المتعلم المغربي بمختلف أبعاد شخصيته مركز ومحور خدمات الاستشارة والتوجيه، ونصت على ضرورة "تأهيل التلميذ في إطار مسعى تشاركي بين مختلف الفاعلين التربويين والاجتماعيين على اكتساب كفايات تمكنه من التكيف مع متغيرات الذات والمحيط".
إلا أن واقع عمليات التوجيه التربوي والمهني، لم يرق لتطلعات وغايات الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وبقيت الأهداف التي رسمها في هذا المجال، كما جاء في تقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008، بعيدة المنال. كما أشار هذا التقرير أن عمليات التوجيه التربوي والمهني بقيت موسومة، في الغالب الأعم، بطابعها الإداري والظرفي. وترتيبا على ذلك، فقد أوصى المجلس بأهمية "وضع الوسائل الكفيلة بإحداث نظام ناجع للتوجيه، عبر وضع رهن إشارة مؤسسات التعليم الثانوي الأدوات اللازمة لذلك، وتزويدها بالمزيد من المستشارين في التوجيه، مع السهر على إشراك هيئة التدريس في هذه العملية".
واستجابة لهذه التوصيات، فقد حظي مجال التوجيه التربوي بأهمية خاصة في المخطط الاستعجالي2009/2012 الرامي لإعطاء نفس جديد للإصلاح، حيث اعتبره من الإشكالات الأفقية الملحة للمنظومة التربوية التي يجب معالجتها، وأفرد له مشروعا من مشاريعه (المشروع السابع من المجال الثالث E3P7 )، الرامي لوضع نظام ناجع للإعلام والتوجيه، والهادف إلى "تمكين كل تلميذ من وسائل التوجيه نحو تكوين يتماشى مع ميولاته، ويعطي إمكانيات مستقبلية جيدة للانفتاح على منافد سوق الشغل".
من خلال ما أسلف، نسجل أن المساعدة على التوجيه، كما حددتها المقاربات التربوية للتوجيه، كانت حاضرة بقوة في ثنايا معظم الوثائق الرسمية لمنظومة التربية والتكوين بالمغرب. إلا أن الواقع يبرز بجلاء أن التوجيه، بأبعاده التربوية، لم يحض بالاهتمام الكافي من لدن فاعلي النظام التربوي المغربي، وبقي في أغلب حالاته عملية ظرفية تختزل إما في أنشطة إعلامية متفرقة أوفي عملية توزيعية للتلاميذ على شعب ومسالك محددة. وعليه، أصبح لزاما الانكباب، في سياق النموذج التربوي المنشود، الذي تعتزم وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني إعداده، بعد المشاورات الموسعة التي أنجزها، البحث عن السبل القمينة بجعل التوجيه التربوي منطلقا أساسيا لبناء هذا النموذج ومكونا محوريا في بناء منهاج دراسي كفيل بتحقيق ما يطمح إليه صاحب الجلالة لأبناء هذا الوطن، وذلك من خلال استحضار توجيهاته السامية الداعية إلى ضرورة "الانتقال من منطق تربوي يرتكز على المدرس وأدائه٬ مقتصرا على تلقين المعارف للمتعلمين٬ إلى منطق آخر يقوم على تفاعل هؤلاء المتعلمين٬ وتنمية قدراتهم الذاتية٬ وإتاحة الفرص أمامهم في الإبداع والابتكار٬ فضلا عن تمكينهم من اكتساب المهارات٬ والتشبع بقواعد التعايش مع الآخرين٬ في التزام بقيم الحرية والمساواة٬ واحترام التنوع والاختلاف...".
المراجع:
Jean Guichard, Michel Huteau, « psychologie de l'orientation », DUNOD, Paris, 2001, P8.
Peter plant, « L'orientation professionnelle et la qualité », document établi pour l'examen par l'OCDE des politiques des services d'information, d'orientation et de conseil, OCDE, novembre 2001,P4.
Richard Etienne, Op Cit, P38.
Gouvernement de Québec, Ministre de l'éducation, « A chacun son rêve : Approche orientante : pour favoriser la réussite », 2002, P8.
Denis pelletier, « L'approche orientante : La clé de la réussite scolaire et professionnelle », Septembre éditeur, Québec, 2004, P51.
Denis Pelletier, L'approche orientante, Op Cit, p51.
المملكة المغربية، اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين، "الميثاق الوطني للتربية و التكوين"، الرباط، يناير2000، المادة 101.
وزارة التربية الوطنية، المذكرة رقم 91 ، "حول موضوع الإطار التنظيمي لمجال الاستشارة والتوجيه"، الرباط، 19 غشت 2005.
المملكة المغربية، المجلس الأعلى للتعليم، "حالة منظومة التربية والتكوين وآفاقها"، الجزء الثاني: التقرير التحليلي، الرباط، 2008، ص65.
المملكة المغربية، المجلس الأعلى للتعليم، "حالة منظومة التربية والتكوين وآفاقها"، الجزء الأول: انجاح مدرسة للجميع، الرباط، 2008، ص73.
المملكة المغربية، وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي و تكوين الأطر و البحث العلمي، التقرير التركيبي للبرنامج الاستعجالي، 2010، ص 83.
نحو رؤية استشرافية لموقع التوجيه التربوي في منظومة التربية والتكوين
إن المتأمل للخطب الملكية السامية، وخاصة خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب لسنة 2013، سيدرك المكانة المتميزة التي يجب أن يحظي بها التوجيه التربوي في المنظومة التربوية المغربية. حيث أكد جلالته " ...أن انخراط الشباب في هذا الخيار الاستراتيجي٬ يظل رهينا بمدى تأهيله وإعداده للمستقبل٬ وهذا ما يحيلنا على المنظومة التربوية٬ وقدرتها على تكوين الأجيال الصاعدة٬ وإعدادها للاندماج الكامل في المسار التنموي الديمقراطي للمجتمع. لذلك يتعين الانكباب الجاد على هذه المنظومة٬ التي نضعها في صدارة الأسبقيات الوطنية. هذه المنظومة التي تسائلنا اليوم٬ إذ لا ينبغي أن تضمن فقط حق الولوج العادل والمنصف٬ القائم على المساواة٬ إلى المدرسة والجامعة لجميع أبنائنا. وإنما يتعين أن تخولهم أيضا الحق في الاستفادة من تعليم موفور الجدوى والجاذبية٬ وملائم للحياة التي تنتظرهم."،
تتموقع إشكالية التوجيه، عموما، في نقطة تلتقي فيها دينامية تطور العالم السوسيو- اقتصادي للمجتمعات ودينامية النمو الشخصي للأفراد. وقد شهدت هذه الإشكالية تغيرات عديدة في منطلقاتها ومبادئها ومقارباتها وممارساتها، منتقلة من منظور يستند على مبدأ " مهن الآباء، لمهن الأبناء" إلى منظور تشخيصي- تنبؤي تمحور حول تدبير التوافقات بين خصوصيات الأفراد ومتطلبات المهن، وانتهاء بمنظور تربوي تمركز حول البحث عن الآليات الكفيلة بتكوين وتنمية هويات شخصية ومهنية لدى الأفراد مدى الحياة.
ومن هذا المنطلق، فقد أصبح التوجيه التربوي مرتكزا من بين المرتكزات الأساسية التي يمكن الاستناد إليها لضمان التعلم مدى الحياة، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية . وهو الأمر الذي جعل منه، في العديد من البلدان، جزء لايتجزأ من مكونات أنظمتها التربوية، ومنطلقا لبناء مناهجها، ومحركا أساسيا لكل نشاطاتها. حيث أصبح الحديث، في العديد من هذه البلدان، عن التربية على المهن، والتربية على الاختيار، والتربية على التوجيه، ، والمدرسة الموجهة،.... وذلك بهدف يسعى، من جهة، للعمل على تفتح شخصيات المتعلمين والرفع من حافزيتهم للتعلم مدى الحياة، ومن جهة أخرى، خدمة لمجتمعاتهم والمساهمة بإيجابية في تحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية.
وقد تمركزت أهداف المقاربات التربوية للتوجيه إلى اكتساب المتعلمين كفايات تؤهلهم للتكيف والتموقع مع متغيرات ذواتهم، ومتغيرات بيئاتهم المدرسية والتكوينية والمهنية، ومساعدتهم على بناء مشاريعهم الشخصية<sup </sup<sup</sup. وبالنظر لشمولية هذه الكفايات، ولتقاطعاتها الكبيرة مع ما تسعى المدرسة تطويره من كفايات لدى المتعلمين، فهده المقاربات اعتبرت أن تطويرهذه الكفايات لايمكن أن يتم فقط عبر أنشطة خاصة بالتوجيه التربوي، بل يقتضي استحضارها في مجمل نشاطات المتعلم المدرسية والحياتية، وبإشراك جل الفاعلين المحيطين به داخل المدرسة وخارجها.
وانسجاما مع هذا التوجه، أصبح التوجيه التربوي شأنا تربويا عاما، يتقاسم تحقيق أهدافه جل فاعلي النظام التربوي، وخاصة المدرسين، بحكم التداخل والتكامل والانسجام بين ما تطمح الأنشطة الإعتيادية للتعلم تحقيقه من أهداف، وبين ما تهدف إليه الممارسات التربوية للتوجيه<sup</sup. وذلك من خلال مبدأ يتأسس على كون تدخلات المدرسين في التوجيه لاتعتبر عبئا إضافيا عليهم، بل على العكس من ذلك، فاستحضار مفاهيم التوجيه في الممارسة المهنية للمدرسين، يساهم في إغناء وإثراء المحتويات الدراسية، وتحفيز المتعلمين على التعلم والنجاح.
وبالرجوع للنظام التربوي المغربي، نجد أن التوجيه التربوي حضي باهتمام خاص في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، حيث اعتبره دعامة أساسية من دعاماته للتغيير، وصرح بكونه "جزء لا يتجزأ من سيرورة التربية والتكوين، بوصفها وظيفة للمواكبة وتيسير النضج والميول وملكات المتعلمين واختياراتهم التربوية والمهنية".
وانسجاما مع ذلك، فقد أولى الكتاب الأبيض لمراجعة المناهج ،اهتماما واضحا بمجال التوجيه التربوي، وذلك من خلال اعتبار التربية على الاختيار مدخلا أساسيا من بين مداخل مراجعة المناهج، وكذا في طبيعة الكفايات التي أكد على تطويرها لدى المتعلمين، والمتمثلة في: الكفايات المرتبطة بتنمية الذات، والكفايات القابلة للاستثمار في التحول الاجتماعي، والكفايات القابلة للتصريف في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدا أنها يمكن أن تأخذ طابعا "استراتيجيا أوتواصليا أومنهجيا أوثقافيا أوتكنولوجيا.
وتفعيلا لذلك، أصدرت وزارة التربية الوطنية، بتاريخ 19غشت2005، المذكرة رقم 91 كإطار تنظيمي لمجال الاستشارة والتوجيه، حيث صرحت بأن المقاربة المعتمدة في التوجيه هي المقاربة التربوية، مؤكدة على ضرورة جعل المتعلم المغربي بمختلف أبعاد شخصيته مركز ومحور خدمات الاستشارة والتوجيه، ونصت على ضرورة "تأهيل التلميذ في إطار مسعى تشاركي بين مختلف الفاعلين التربويين والاجتماعيين على اكتساب كفايات تمكنه من التكيف مع متغيرات الذات والمحيط".
إلا أن واقع عمليات التوجيه التربوي والمهني، لم يرق لتطلعات وغايات الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وبقيت الأهداف التي رسمها في هذا المجال، كما جاء في تقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008، بعيدة المنال. كما أشار هذا التقرير أن عمليات التوجيه التربوي والمهني بقيت موسومة، في الغالب الأعم، بطابعها الإداري والظرفي. وترتيبا على ذلك، فقد أوصى المجلس بأهمية "وضع الوسائل الكفيلة بإحداث نظام ناجع للتوجيه، عبر وضع رهن إشارة مؤسسات التعليم الثانوي الأدوات اللازمة لذلك، وتزويدها بالمزيد من المستشارين في التوجيه، مع السهر على إشراك هيئة التدريس في هذه العملية".
واستجابة لهذه التوصيات، فقد حظي مجال التوجيه التربوي بأهمية خاصة في المخطط الاستعجالي2009/2012 الرامي لإعطاء نفس جديد للإصلاح، حيث اعتبره من الإشكالات الأفقية الملحة للمنظومة التربوية التي يجب معالجتها، وأفرد له مشروعا من مشاريعه (المشروع السابع من المجال الثالث E3P7 )، الرامي لوضع نظام ناجع للإعلام والتوجيه، والهادف إلى "تمكين كل تلميذ من وسائل التوجيه نحو تكوين يتماشى مع ميولاته، ويعطي إمكانيات مستقبلية جيدة للانفتاح على منافد سوق الشغل".
من خلال ما أسلف، نسجل أن المساعدة على التوجيه، كما حددتها المقاربات التربوية للتوجيه، كانت حاضرة بقوة في ثنايا معظم الوثائق الرسمية لمنظومة التربية والتكوين بالمغرب. إلا أن الواقع يبرز بجلاء أن التوجيه، بأبعاده التربوية، لم يحض بالاهتمام الكافي من لدن فاعلي النظام التربوي المغربي، وبقي في أغلب حالاته عملية ظرفية تختزل إما في أنشطة إعلامية متفرقة أوفي عملية توزيعية للتلاميذ على شعب ومسالك محددة. وعليه، أصبح لزاما الانكباب، في سياق النموذج التربوي المنشود، الذي تعتزم وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني إعداده، بعد المشاورات الموسعة التي أنجزها، البحث عن السبل القمينة بجعل التوجيه التربوي منطلقا أساسيا لبناء هذا النموذج ومكونا محوريا في بناء منهاج دراسي كفيل بتحقيق ما يطمح إليه صاحب الجلالة لأبناء هذا الوطن، وذلك من خلال استحضار توجيهاته السامية الداعية إلى ضرورة "الانتقال من منطق تربوي يرتكز على المدرس وأدائه٬ مقتصرا على تلقين المعارف للمتعلمين٬ إلى منطق آخر يقوم على تفاعل هؤلاء المتعلمين٬ وتنمية قدراتهم الذاتية٬ وإتاحة الفرص أمامهم في الإبداع والابتكار٬ فضلا عن تمكينهم من اكتساب المهارات٬ والتشبع بقواعد التعايش مع الآخرين٬ في التزام بقيم الحرية والمساواة٬ واحترام التنوع والاختلاف...".
المراجع:
Jean Guichard, Michel Huteau, « psychologie de l'orientation », DUNOD, Paris, 2001, P8.
Peter plant, « L'orientation professionnelle et la qualité », document établi pour l'examen par l'OCDE des politiques des services d'information, d'orientation et de conseil, OCDE, novembre 2001,P4.
Richard Etienne, Op Cit, P38.
Gouvernement de Québec, Ministre de l'éducation, « A chacun son rêve : Approche orientante : pour favoriser la réussite », 2002, P8.
Denis pelletier, « L'approche orientante : La clé de la réussite scolaire et professionnelle », Septembre éditeur, Québec, 2004, P51.
Denis Pelletier, L'approche orientante, Op Cit, p51.
المملكة المغربية، اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين، "الميثاق الوطني للتربية و التكوين"، الرباط، يناير2000، المادة 101.
وزارة التربية الوطنية، المذكرة رقم 91 ، "حول موضوع الإطار التنظيمي لمجال الاستشارة والتوجيه"، الرباط، 19 غشت 2005.
المملكة المغربية، المجلس الأعلى للتعليم، "حالة منظومة التربية والتكوين وآفاقها"، الجزء الثاني: التقرير التحليلي، الرباط، 2008، ص65.
المملكة المغربية، المجلس الأعلى للتعليم، "حالة منظومة التربية والتكوين وآفاقها"، الجزء الأول: انجاح مدرسة للجميع، الرباط، 2008، ص73.
المملكة المغربية، وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي و تكوين الأطر و البحث العلمي، التقرير التركيبي للبرنامج الاستعجالي، 2010، ص 83.