حوار مع الأخصائي في التوجيه التربوي ذ. عبد العزيز سنهجـــي
حول مساطر التوجيه وإعادة التوجيه على ضوء مستجدات المسارات الدراسية والمهنية (*)
أستاذ عبد العزيز سنهجي، بصفتكم متخصصا في مجال التوجيه التربوي، ما هو السياق الذي جاءت فيه المستجدات المتعلقة بالمسارات الدراسية الدولية والمسارات المهنية؟
إن هذه المستجدات جاءت في سياق يروم تنويع العرض المدرسي والتكويني بمنظومة التربية والتكوين، لجعله مستجيبا أكثر لمستلزمات التلاؤم بين النظام التربوي والتكويني والمخططات التنموية والاقتصادية التي يضعها المغرب في مختلف الميادين، وسعيا وراء تيسير متابعة الدراسة في التعليم العالي للطلبة خصوصا فيما يرتبط بالجوانب اللغوية، من أجل تقوية فرص الإدماج المدرسي والجامعي والمهني، في أفق تحسين مردود وجودة التعليم والتكوين، انخرطت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، في السنتين الأخيرتين، وبشكل تدريجي، في إطلاق دينامية إصلاحية همت التعليم الثانوي التأهيلي، عبر إحداث المسالك الدولية للبكالوريا المغربية بالقطاعين العمومي والخصوصي، والمسالك المهنية بالتعليم العمومي، وجعل شعب للتكوين المهني ضمن خيارات التوجيه الدراسي المطروحة أمام المتعلمين. وبهذه المستجدات تكون هيكلة منظومة التربية والتكوين، بالتعليم الثانوي التأهيلي، قد استكملت مكوناتها، بإخراج التعليم المهني إلى حيز الوجود إضافة للتعليم العام والتعليم التكنولوجي بالموازاة مع المسالك الدولية بخياراتها المختلفة وفي أبعادها العمومية والخصوصية.
ما هي المبادئ والضوابط، التي يجب التقيد بها في إرساء وهندسة هذه المسارات الدراسية والمهنية في منظومة التربية والتكوين المغربية؟
إن القراءة المتأنية لمقتضيات المذكرات الوزارية ذات العلاقة بموضوع إحداث المسارات الدراسية والمهنية والممرات، تجعلنا نقف عند مجموعة من المبادئ الأساسية المؤطرة لعملية الإرساء هذه، والتي نوجزها فيما يلي:
إرساء الجسور والممرات بين مختلف الجذوع والشعب والمسالك، بكل ما يتطلبه الأمر من ضبط وتنظيم لتدفقات التلاميذ وحركيتهم، عبر التقيد بمساطر التوجيه وإعادة التوجيه الواردة في المقتضيات التنظيمية؛
ضمان تكافئِ الفرص، عبر التقيد بالمساطر والمعايير المنظمة للانتقاء؛
دعم المواد المميزة بصفة تدريجية من السنة الأولى إلى السنة الثانية، وذلك للتوصل إلى تخصيص ما يعادل حوالي 60%من الحصص الأسبوعية لتدريس هذه المواد و 40% للمواد الأخرى؛
تخصيص حوالي 60% للمواد المشتركة بين جميع الجذوع، و40% للمواد المميزة والمهيئة للتخصص؛
تحديد الغلاف الزمني الأسبوعي في 29 إلى 34 ساعة، وذلك لتمكين التلاميذ من الاستفادة من التعلم الذاتي ومن القيام بأنشطة تربوية وتثقيفية ورياضية؛
إرساء المسالك الدولية والمهنية بشكل تدريجي في أفق توسيعها وتنويعها لتشمل لاحقا خيارات وشعب ومسالك أخرى؛
جعل التكوين المهني والتعليم المهني خيارا ضمن خيارات التوجيه المطروحة أمام التلاميذ؛
مساعدة الأفراد على بناء مشاريعهم الشخصية، بشكل تدريجي، في توافق تام مع مؤهلاتهم وطموحاتهم وانتظارات النسيج الاقتصادي؛
الاشتغال بمبدأ التربية والتكوين والتوجيه مدى الحياة...
ماهي في نظركم أهم الملاحظات أو الاختلالات التي يمكن تسجيلها حول مساطر التوجيه وإعادة التوجيه الواردة ضمن مقتضيات المذكرات الناظمة لهذه المستجدات على ضوء المبادئ السالفة الذكر؟
إن مقارنة وتحليل مساطر التوجيه وإعادة التوجيه الواردة ضمن مقتضيات المذكرات المنظمة لإرساء المسالك والممرات والجسور، على ضوء المبادئ السالفة الذكر، تجعلنا نخلص لمجموعة من الملاحظات، نوجز أهمها فيما يلي:
بالرغم من التأكيد على ضرورة التقيد بمساطر التوجيه وإعادة التوجيه، الواردة في مقتضيات المذكرة 90، فإن مساطر التوجيه المعمول بها ضمن المذكرات المنظمة لمسالك البكالوريا المغربية سواء العادية منها أو الدولية أو المهنية تظل غير منسجمة، حيث يلاحظ عدم توحيد عمليات التوجيه وإعادة التوجيه سواء من حيث الفترات أو المتدخلين أو المساطر. وفي ظل هذه المعطيات يصعب على مجالس التوجيه، في بعض الحالات، الحسم في القرارات النهائية خاصة بالنسبة لتلاميذ السنة الثالثة الراغبين في الترشح لجذوع المسالك الدولية والمهنية. إضافة لذلك، فإن الاقتصار في عملية إعادة التوجيه، بالمسالك الدولية والمهنية، على تقديم طلب خطي، يفضي إلى التلبية التلقائية، سيطرح مشاكل على مستوى تدبير الخرائط التربوية، وسيعتمد كهفوة مسطرية، يمكن أن تستغل من طرف التلاميذ للالتحاق بمسالك أخرى تخضع أصلا لمسطرة الانتقاء الأولي؛
إذا كانت المذكرة رقم 369.14، حول المسالك الدولية، قد أشارت إلى إمكانية إعادة التوجيه في بداية الموسم الدراسي أثناء شهر شتنبر، فإن المذكرة الإطار للمسالك الدولية حددت هذه الإمكانية عند متم السنة الدراسية. إضافة لذلك، وبالرغم من أن إعادة التوجيه، حق أصيل للتلميذ تكفله المقتضيات القانونية و المقررات التنظيمية للسنة الدراسية، فإنه حسب منطوق المذكرة الإطار، لا يسمح للتلاميذ من الاستفادة من إعادة التوجيه داخل الشعب والمسالك الدولية، مما سيقلص هامش الاختيار أمامهم، وسيصادر حقهم في مراجعة الاختيار في الاتجاه الذي يرغبون فيه؛
إذا كان التكوين بالجذوع المشتركة المهنية،يتم في حدود %80 إلى%85 داخل المؤسسات التأهيلية والباقي بمؤسسات التكوين المهني ، و في السنة الأولى والثانية بكالوريا ما بين%25 و %30 داخل المؤسسات والباقي بمؤسسات التكوين المهني، فإن هذه الصيغ المقترحة لاتنسجم مع النسب المئوية المحددة للمواد المميزة للتخصصات الواردة ضمن مقتضيات المذكرة 43 حول تنظيم الدراسة بالتعليم الثانوي؛
إذا كانت المذكرة 43 قد حددت الغلاف الزمني الأسبوعي في 29 إلى 34 ساعة، وذلك لتمكين التلاميذ من الاستفادة من التعلم الذاتي والأنشطة الموازية ، فإن المذكرة الإطار للمسالك الدولية للبكالوريا المغربية حددت الغلاف الزمني الأسبوعي، في بعض الحالات، في 35 ساعة و36 ساعة ، وخاصة في المسالك الدولية للعلوم خيار إنجليزية وإسبانية في السنة الأولى علوم تجريبية وعلوم رياضية؛
وتيرة إرساء المسالك الدولية بالتعليم الخصوصي تجاوزت بكثير وتيرتها في التعليم العمومي، حيث إذا كان العرض المدرسي بالتعليم العمومي بهذه المسالك يبقى محددا في قسمين في الجذوع العلمية والأدبية بخياراتها المختلفة، فإن التعليم الخصوصي لم يخضع لهذا الشرط، علما أن التعليم الخصوصي يتنافس أصلا مع التعليم العمومي على المقاعد المتوفرة بالتعليم العمومي وفق الكوطا المخصصة له استنادا إلى معيار التناسبية، مما سيطرح مستقبلا مشاكل على مستوى التركيبة العددية للأقسام بالسنة الأولى والثانية سلك بكالوريا، وسيمس بمبدأ تكافؤ الفرص.
اللجوء إلى معيار نقط الامتحان الجهوي، ونتائج اختبارات اللغة في انتقاء المترشحين، قد يبدو مقبولا في المسالك الدولية خيار لغات، لكنه يبقى غير كاف في انتقاء التلاميذ للمسالك المهنية في غياب شروط ومعايير مهنية تبرز الجانبيات والكفايات المهنية المطلوبة في التلميذ و مدى قابليته للتكيف مع طبيعة وخصوصية هذه المسالك ، بالرغم من أن المذكرة أكدت على ضرورة اعتماد معايير مهنية؛
بدورها الدورية رقم 733المنظمة للإعلام والتوجيه للتكوين المهني لم تندمج كفاية في المساطر المعتمدة من طرف المذكرة90، ولم تستحضر مقتضيات المقرر المنظم للسنة الدراسية الذي يطرح فترات محددة لإعادة التوجيه سواء العادية منها أو الاستدراكية. كما أن عمليات الانتقاء المنظمة من طرف قطاع التكوين المهني تبقى حاسمة في المسطرة، وهذا يطرح إشكالية تضارب المساطر والتنسيق في قطف ثمار العمل الميداني المشترك؛ فإذا كان التكوين المهني يعمل وفق هواجس الانتقاء في ظل محدودية المقعد الشاغر، فإن قطاع التربة الوطنية يشغل بمنطق التوجيه التربوي الذي يبلور الاختيار عبر محطات ومراحل وفق إجراءات وتدابير إعلامية وتربوية وسيكولوجية، مما يطرح تضارب المرجعيات والخلفيات العلمية المؤطرة للتوجيه نحو التكوين المهني؛
لم يتم نشر وتعميم مضامين الاتفاقيات المبرمة في إطار المسالك الدولية والمهنية لكي يتسنى معرفة بعض الحيثيات والتفاصيل المتعلقة بهذه المسالك. مع تسجيل غياب لمادة إخبارية تواصلية شاملة ومحينة موجهة لفائدة الأسر والمتعلمين ترسم أمامهم الآفاق الجامعية والمهنية لمختلف المسالك المحدثة وتوضح قيمتها المضافة في المسار الدراسي للتلميذ، مما يصعب من مهام أطر التوجيه في جوانبها المرتبطة بالتحسيس والإخبار والتواصل، ويضعهم في وضعية محرجة أمام الطلبات المتزايدة للتلاميذ والأسر...
ما هي في نظركم المداخل الممكنة لتطوير، عملية هندسة وإرساء المسارات والممرات داخل منظومة التربية والتكوين،والارتقاء بها ؟
إن التدبير الشامل والمندمج لمختلف المسارات والممرات بداخل منظومة التربية والتكوين، توخيا لإحداث الترابط بين هياكل المنظومة ومستوياتها وأنماطها في نسق متماسك ودائم التفاعل والتلاؤم مع المحيط الاجتماعي العام، يقتضي تقييم وتحيين الهيكلة البيداغوجية المعمول بها حاليا في التعليم الثانوي، و ضبط وتدقيق المفاهيم المتعلقة بالتعليم التكنولوجي والتعليم المهني والتكوين المهني، رفعا لكل لبس أو سوء فهم يمكن أن يتبادر لذهن الفاعلين التربويين والاجتماعيين والمهنيين... ويتطلب في الآن ذاته، توحيد مساطر التوجيه وإعادة التوجيه، وإخضاع كل المذكرات والمقررات ذات العلاقة بالموضوع لمراجعة شاملة تحقيقا لانسجام وتكامل المساطر ورفعا لكل تناقض أو تضارب في التدابير والإجراءات والمواقيت والمتدخلين... علما أن فتح مسارات جديدة في التعليم الثانوي التأهيلي لن يكون مجديا وناجعا، ضمن أعراف وتقاليد فلسفة ومناهج التوجيه التربوي، في غياب إعادة هيكلة بنية منظومة التعليم سواء في مراحلها الابتدائية أو الإعدادية التي تفضي لهذه الخيارات أو تلك المتعلقة بالآفاق الجامعية والمهنية التي تضمنها هذه المسارات؛ حيث يجب أن تظل مسألة فتح الاختيارت أمام المتعلمين تتويجا لعمل ميداني ومجهود بيداغوجي وتربوي ونفسي مواكب وداعم للتلميذ في مساره الدراسي. مع الحرص على توفير شروط ومستلزمات النجاح، وتعبئة كل ما يلزم من موارد بشرية مؤهلة لتدريس المواد العلمية باللغات الأجنبية وخاصة الإنجليزية والإسبانية، والإسراع في إخراج الأدوات والآليات الكفيلة بإنجاح عمليات التجسير والممرات بين التربية والتكوين والحياة العملية (الإطار الوطني للإشهاد، حصيلة الكفايات المهنية ، حصيلة المكتسبات التعليمية، آلية المصادقة على الكفايات التعليمة والمهنية، آلية المصادقة على المكتسبات والتجارب الميدانية، معادلة الشواهد والدبلومات المهنية...) وتعزيز مساعي التشارك والتعاون بين مختلف المتدخلين في التوجيه لمساعدة التلميذ على تدبير مساراته الدراسية والمهنية بكل ما يقتضيه الأمر من وعي وتبصر.
(*) أجرى الحوار: ذ عبد اللطيف شعيب، مفتش في التوجيه التربوي
حول مساطر التوجيه وإعادة التوجيه على ضوء مستجدات المسارات الدراسية والمهنية (*)
أستاذ عبد العزيز سنهجي، بصفتكم متخصصا في مجال التوجيه التربوي، ما هو السياق الذي جاءت فيه المستجدات المتعلقة بالمسارات الدراسية الدولية والمسارات المهنية؟
إن هذه المستجدات جاءت في سياق يروم تنويع العرض المدرسي والتكويني بمنظومة التربية والتكوين، لجعله مستجيبا أكثر لمستلزمات التلاؤم بين النظام التربوي والتكويني والمخططات التنموية والاقتصادية التي يضعها المغرب في مختلف الميادين، وسعيا وراء تيسير متابعة الدراسة في التعليم العالي للطلبة خصوصا فيما يرتبط بالجوانب اللغوية، من أجل تقوية فرص الإدماج المدرسي والجامعي والمهني، في أفق تحسين مردود وجودة التعليم والتكوين، انخرطت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، في السنتين الأخيرتين، وبشكل تدريجي، في إطلاق دينامية إصلاحية همت التعليم الثانوي التأهيلي، عبر إحداث المسالك الدولية للبكالوريا المغربية بالقطاعين العمومي والخصوصي، والمسالك المهنية بالتعليم العمومي، وجعل شعب للتكوين المهني ضمن خيارات التوجيه الدراسي المطروحة أمام المتعلمين. وبهذه المستجدات تكون هيكلة منظومة التربية والتكوين، بالتعليم الثانوي التأهيلي، قد استكملت مكوناتها، بإخراج التعليم المهني إلى حيز الوجود إضافة للتعليم العام والتعليم التكنولوجي بالموازاة مع المسالك الدولية بخياراتها المختلفة وفي أبعادها العمومية والخصوصية.
ما هي المبادئ والضوابط، التي يجب التقيد بها في إرساء وهندسة هذه المسارات الدراسية والمهنية في منظومة التربية والتكوين المغربية؟
إن القراءة المتأنية لمقتضيات المذكرات الوزارية ذات العلاقة بموضوع إحداث المسارات الدراسية والمهنية والممرات، تجعلنا نقف عند مجموعة من المبادئ الأساسية المؤطرة لعملية الإرساء هذه، والتي نوجزها فيما يلي:
إرساء الجسور والممرات بين مختلف الجذوع والشعب والمسالك، بكل ما يتطلبه الأمر من ضبط وتنظيم لتدفقات التلاميذ وحركيتهم، عبر التقيد بمساطر التوجيه وإعادة التوجيه الواردة في المقتضيات التنظيمية؛
ضمان تكافئِ الفرص، عبر التقيد بالمساطر والمعايير المنظمة للانتقاء؛
دعم المواد المميزة بصفة تدريجية من السنة الأولى إلى السنة الثانية، وذلك للتوصل إلى تخصيص ما يعادل حوالي 60%من الحصص الأسبوعية لتدريس هذه المواد و 40% للمواد الأخرى؛
تخصيص حوالي 60% للمواد المشتركة بين جميع الجذوع، و40% للمواد المميزة والمهيئة للتخصص؛
تحديد الغلاف الزمني الأسبوعي في 29 إلى 34 ساعة، وذلك لتمكين التلاميذ من الاستفادة من التعلم الذاتي ومن القيام بأنشطة تربوية وتثقيفية ورياضية؛
إرساء المسالك الدولية والمهنية بشكل تدريجي في أفق توسيعها وتنويعها لتشمل لاحقا خيارات وشعب ومسالك أخرى؛
جعل التكوين المهني والتعليم المهني خيارا ضمن خيارات التوجيه المطروحة أمام التلاميذ؛
مساعدة الأفراد على بناء مشاريعهم الشخصية، بشكل تدريجي، في توافق تام مع مؤهلاتهم وطموحاتهم وانتظارات النسيج الاقتصادي؛
الاشتغال بمبدأ التربية والتكوين والتوجيه مدى الحياة...
ماهي في نظركم أهم الملاحظات أو الاختلالات التي يمكن تسجيلها حول مساطر التوجيه وإعادة التوجيه الواردة ضمن مقتضيات المذكرات الناظمة لهذه المستجدات على ضوء المبادئ السالفة الذكر؟
إن مقارنة وتحليل مساطر التوجيه وإعادة التوجيه الواردة ضمن مقتضيات المذكرات المنظمة لإرساء المسالك والممرات والجسور، على ضوء المبادئ السالفة الذكر، تجعلنا نخلص لمجموعة من الملاحظات، نوجز أهمها فيما يلي:
بالرغم من التأكيد على ضرورة التقيد بمساطر التوجيه وإعادة التوجيه، الواردة في مقتضيات المذكرة 90، فإن مساطر التوجيه المعمول بها ضمن المذكرات المنظمة لمسالك البكالوريا المغربية سواء العادية منها أو الدولية أو المهنية تظل غير منسجمة، حيث يلاحظ عدم توحيد عمليات التوجيه وإعادة التوجيه سواء من حيث الفترات أو المتدخلين أو المساطر. وفي ظل هذه المعطيات يصعب على مجالس التوجيه، في بعض الحالات، الحسم في القرارات النهائية خاصة بالنسبة لتلاميذ السنة الثالثة الراغبين في الترشح لجذوع المسالك الدولية والمهنية. إضافة لذلك، فإن الاقتصار في عملية إعادة التوجيه، بالمسالك الدولية والمهنية، على تقديم طلب خطي، يفضي إلى التلبية التلقائية، سيطرح مشاكل على مستوى تدبير الخرائط التربوية، وسيعتمد كهفوة مسطرية، يمكن أن تستغل من طرف التلاميذ للالتحاق بمسالك أخرى تخضع أصلا لمسطرة الانتقاء الأولي؛
إذا كانت المذكرة رقم 369.14، حول المسالك الدولية، قد أشارت إلى إمكانية إعادة التوجيه في بداية الموسم الدراسي أثناء شهر شتنبر، فإن المذكرة الإطار للمسالك الدولية حددت هذه الإمكانية عند متم السنة الدراسية. إضافة لذلك، وبالرغم من أن إعادة التوجيه، حق أصيل للتلميذ تكفله المقتضيات القانونية و المقررات التنظيمية للسنة الدراسية، فإنه حسب منطوق المذكرة الإطار، لا يسمح للتلاميذ من الاستفادة من إعادة التوجيه داخل الشعب والمسالك الدولية، مما سيقلص هامش الاختيار أمامهم، وسيصادر حقهم في مراجعة الاختيار في الاتجاه الذي يرغبون فيه؛
إذا كان التكوين بالجذوع المشتركة المهنية،يتم في حدود %80 إلى%85 داخل المؤسسات التأهيلية والباقي بمؤسسات التكوين المهني ، و في السنة الأولى والثانية بكالوريا ما بين%25 و %30 داخل المؤسسات والباقي بمؤسسات التكوين المهني، فإن هذه الصيغ المقترحة لاتنسجم مع النسب المئوية المحددة للمواد المميزة للتخصصات الواردة ضمن مقتضيات المذكرة 43 حول تنظيم الدراسة بالتعليم الثانوي؛
إذا كانت المذكرة 43 قد حددت الغلاف الزمني الأسبوعي في 29 إلى 34 ساعة، وذلك لتمكين التلاميذ من الاستفادة من التعلم الذاتي والأنشطة الموازية ، فإن المذكرة الإطار للمسالك الدولية للبكالوريا المغربية حددت الغلاف الزمني الأسبوعي، في بعض الحالات، في 35 ساعة و36 ساعة ، وخاصة في المسالك الدولية للعلوم خيار إنجليزية وإسبانية في السنة الأولى علوم تجريبية وعلوم رياضية؛
وتيرة إرساء المسالك الدولية بالتعليم الخصوصي تجاوزت بكثير وتيرتها في التعليم العمومي، حيث إذا كان العرض المدرسي بالتعليم العمومي بهذه المسالك يبقى محددا في قسمين في الجذوع العلمية والأدبية بخياراتها المختلفة، فإن التعليم الخصوصي لم يخضع لهذا الشرط، علما أن التعليم الخصوصي يتنافس أصلا مع التعليم العمومي على المقاعد المتوفرة بالتعليم العمومي وفق الكوطا المخصصة له استنادا إلى معيار التناسبية، مما سيطرح مستقبلا مشاكل على مستوى التركيبة العددية للأقسام بالسنة الأولى والثانية سلك بكالوريا، وسيمس بمبدأ تكافؤ الفرص.
اللجوء إلى معيار نقط الامتحان الجهوي، ونتائج اختبارات اللغة في انتقاء المترشحين، قد يبدو مقبولا في المسالك الدولية خيار لغات، لكنه يبقى غير كاف في انتقاء التلاميذ للمسالك المهنية في غياب شروط ومعايير مهنية تبرز الجانبيات والكفايات المهنية المطلوبة في التلميذ و مدى قابليته للتكيف مع طبيعة وخصوصية هذه المسالك ، بالرغم من أن المذكرة أكدت على ضرورة اعتماد معايير مهنية؛
بدورها الدورية رقم 733المنظمة للإعلام والتوجيه للتكوين المهني لم تندمج كفاية في المساطر المعتمدة من طرف المذكرة90، ولم تستحضر مقتضيات المقرر المنظم للسنة الدراسية الذي يطرح فترات محددة لإعادة التوجيه سواء العادية منها أو الاستدراكية. كما أن عمليات الانتقاء المنظمة من طرف قطاع التكوين المهني تبقى حاسمة في المسطرة، وهذا يطرح إشكالية تضارب المساطر والتنسيق في قطف ثمار العمل الميداني المشترك؛ فإذا كان التكوين المهني يعمل وفق هواجس الانتقاء في ظل محدودية المقعد الشاغر، فإن قطاع التربة الوطنية يشغل بمنطق التوجيه التربوي الذي يبلور الاختيار عبر محطات ومراحل وفق إجراءات وتدابير إعلامية وتربوية وسيكولوجية، مما يطرح تضارب المرجعيات والخلفيات العلمية المؤطرة للتوجيه نحو التكوين المهني؛
لم يتم نشر وتعميم مضامين الاتفاقيات المبرمة في إطار المسالك الدولية والمهنية لكي يتسنى معرفة بعض الحيثيات والتفاصيل المتعلقة بهذه المسالك. مع تسجيل غياب لمادة إخبارية تواصلية شاملة ومحينة موجهة لفائدة الأسر والمتعلمين ترسم أمامهم الآفاق الجامعية والمهنية لمختلف المسالك المحدثة وتوضح قيمتها المضافة في المسار الدراسي للتلميذ، مما يصعب من مهام أطر التوجيه في جوانبها المرتبطة بالتحسيس والإخبار والتواصل، ويضعهم في وضعية محرجة أمام الطلبات المتزايدة للتلاميذ والأسر...
ما هي في نظركم المداخل الممكنة لتطوير، عملية هندسة وإرساء المسارات والممرات داخل منظومة التربية والتكوين،والارتقاء بها ؟
إن التدبير الشامل والمندمج لمختلف المسارات والممرات بداخل منظومة التربية والتكوين، توخيا لإحداث الترابط بين هياكل المنظومة ومستوياتها وأنماطها في نسق متماسك ودائم التفاعل والتلاؤم مع المحيط الاجتماعي العام، يقتضي تقييم وتحيين الهيكلة البيداغوجية المعمول بها حاليا في التعليم الثانوي، و ضبط وتدقيق المفاهيم المتعلقة بالتعليم التكنولوجي والتعليم المهني والتكوين المهني، رفعا لكل لبس أو سوء فهم يمكن أن يتبادر لذهن الفاعلين التربويين والاجتماعيين والمهنيين... ويتطلب في الآن ذاته، توحيد مساطر التوجيه وإعادة التوجيه، وإخضاع كل المذكرات والمقررات ذات العلاقة بالموضوع لمراجعة شاملة تحقيقا لانسجام وتكامل المساطر ورفعا لكل تناقض أو تضارب في التدابير والإجراءات والمواقيت والمتدخلين... علما أن فتح مسارات جديدة في التعليم الثانوي التأهيلي لن يكون مجديا وناجعا، ضمن أعراف وتقاليد فلسفة ومناهج التوجيه التربوي، في غياب إعادة هيكلة بنية منظومة التعليم سواء في مراحلها الابتدائية أو الإعدادية التي تفضي لهذه الخيارات أو تلك المتعلقة بالآفاق الجامعية والمهنية التي تضمنها هذه المسارات؛ حيث يجب أن تظل مسألة فتح الاختيارت أمام المتعلمين تتويجا لعمل ميداني ومجهود بيداغوجي وتربوي ونفسي مواكب وداعم للتلميذ في مساره الدراسي. مع الحرص على توفير شروط ومستلزمات النجاح، وتعبئة كل ما يلزم من موارد بشرية مؤهلة لتدريس المواد العلمية باللغات الأجنبية وخاصة الإنجليزية والإسبانية، والإسراع في إخراج الأدوات والآليات الكفيلة بإنجاح عمليات التجسير والممرات بين التربية والتكوين والحياة العملية (الإطار الوطني للإشهاد، حصيلة الكفايات المهنية ، حصيلة المكتسبات التعليمية، آلية المصادقة على الكفايات التعليمة والمهنية، آلية المصادقة على المكتسبات والتجارب الميدانية، معادلة الشواهد والدبلومات المهنية...) وتعزيز مساعي التشارك والتعاون بين مختلف المتدخلين في التوجيه لمساعدة التلميذ على تدبير مساراته الدراسية والمهنية بكل ما يقتضيه الأمر من وعي وتبصر.
(*) أجرى الحوار: ذ عبد اللطيف شعيب، مفتش في التوجيه التربوي