ismagi
racus

مقال : جرد الكفايات Bilan de compétence - مصطفى رابي

mohammed

مشرف منتدى tawjihnet.net
طاقم الإدارة
مقال : جرد الكفايات
Bilan de compétence
مصطفى رابي mustapha rabi.jpeg
الثلاثاء 17 نونبر 2020 - مصطفى رابي مفتش في التوجيه التربوي- مراكش​

لا يجادل أحد في كون واقع الشغل اليوم غير مستقر، وقاعدته العامة هي التغيير والبحث عن الأداء الأفضل، والإنتاج السريع بأقل تكلفة، واستعمال أحدث التكنولوجيات والأدوات التي تحقق أحسن النتائج، مما جعل شروط التشغيل تزداد تعقيدا بل حتى الذين يشتغلون يجدون أنفسهم خارج الدورة الإنتاجية بل حتى بعض المصانع تصبح في وضعية إفلاس لعجزها عن مسايرة الركب والمنافسة، مما يؤدي إلى الإغلاق، و تسريح العمال، وخلق أزمة اجتماعية.

من بين الخدمات التي ظهرت أواخر التسعينات، للمساهمة في المساعدة على التشغيلية، مفهوم جرد الكفايات، أي أشكال و ممارسات عملية وتنويع الاستفادة وخلق أجواء للتطوير استجابة لانتظارات مختلفة ومتنوعة ترتبط بالتحفيز والثقة في النفس والاعتراف بالذات ونقائصها، والرغبة في التحسين والتطوير وتجاوز بعض التمثلات والمعتقدات المرتبطة بحل الصراعات مع المقاولة، وأوهام عالم الشغل.

تمر عملية جرد الكفايات اليوم من التموقع المهني إلى منهجية عملية واقعية لبلورة مشروع شخصي مهني، وإحداث طفرية جذرية وتغيير نمط الحياة الشخصية.

وقد ساهمت ثلاث عوامل أساسية في تطوير عملية جرد الكفايات:
  • التشريعات الصادرة بشأن التكوين المستمر، الذي أدى إلى ترسيم سيرورة العرض والطلب التي فتحت المجال لأنظمة جديدة للمواكبة والتصديق على التجارب المكتسبة، وكذا تنظيم المقابلات المهنية...؛​
  • فتح مكاتب للاستقبال والاستماع، مما أدى إلى تطوير الممارسة العملية أي تطور العروض المقدمة وتطوير الأجوبة على التساؤلات المطروحة؛​
  • الحق في الشغل كرسه الدستور بمقتضى الفصل 31، الذي ينص على أنه ((تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة؛ لتيسير استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في: ... الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث على منصب شغل، أو في التشغيل الذاتي...)).​
وقد أكدت مدونة الشغل هذا الحق من خلال ما جاء في الديباجة، حيث اعتبرت العمل وسيلة أساسية من وسائل تنمية البلاد وصيانة كرامة الإنسان والنهوض بمستواه المعيشي وتحقيق الشروط المناسبة لاستقراره العائلي وتقدمه الاجتماعي، وأن لكل شخص الحق في الشغل يناسب حالته الصحية ومؤهلاته ومهارته؛ كما يحق له أن يختار عمله بكل حرية وأن يمارسه في مجموع التراب الوطني، ولا يجوز لأي شخص أن يمنع الغير من العمل أو يرغمه على العمل ضد مشيئته.

وهذا الحق يشكل وعاء تعتمد عليه جل المنظمات المالية للاستجابة لتساؤلات مختلف المقاولات والأجراء من أجل تطوير الأداء.
وتتجلى أهمية عملية جرد الكفايات في كونها عملية متنوعة الخدمات المقدمة للمستفيدين حيث نجد:
- المساعدة على التموقع المهني
- بلورة مشروع مهني
- مواكبة المشروع المهني
- المساعدة في التدبير التوقعي للمهن والكفايات
- المساعدة على الحركية المهنية- التدريب...

و بغض النظر حول هذا التنويع في الخدمات، يعتمد تطور عملية جرد الكفايات على اتجاهين كبريين هما:
  • جرد أكثر تقنية ومهنية يرتكز على الكفايات العملية ذات الطابع التقني لمحاولة الإجابة على سؤال التجربة العملية المكتسبة و المرتبطة بمعرفة الشخص لما هو قادر على فعله؛​
  • جرد أداتي للتنمية الشخصية و المهنية، مع التركيز على الحوافز والرغبات والمشروع الشخصي والمهني ومحاولة الإجابة على سؤال ماذا أريد أن أفعل؟​
من هنا نستشف أن الحاجة اليوم تتطلب التكوين لمدى الحياة، وهي حالة ذهنية وفعل إرادي وتشخيص مستمر لواقع الشغل والتشغيل، حيث أن المهنية تقتضي التأهيل المستمر والحصول على الديبلومات والشواهد الضرورية و المعترف بها لتلبية الطلبات التي تشترطها المقاولات اليوم، والتي تسمح لحامليها التموقع والتكيف المهني ومسايرة متطلبات الأداء المهني، مما يتطلب وضع مخطط للتكوين الشخصي والبحث على إعادة التموقع المهني.

هناك ممن يظن أن المستقبل يرتكز على الماضي والحاضر، بينما يعتبر آخرون بأن المستقبل ينبني انطلاقا من المكتسبات، رغم أن البعض يتجهون إلى كون المستقبل يتحدد حسب الفرص المتاحة.

في النهاية، إذا كان تاريخ الفرد يجعله في مواجهة مجموعة من الاختيارات، فإن التجارب المعاشة تظهر أنه في لحظة يمر منها الإنسان يمكن أن تفتح أمامه سبلا جديدة بل يمكن أن تقلب حياته رأسا على عقب، وبالتالي فإن كل خطوة للمواكبة تتجه نحو مشروع مهني تقوم على تمكين المستفيدين من الانفتاح على سبل جديدة واكتساب الثقة في النفس وتحمل مسؤولية فعل التغيير.

لذلك فإن جرد الكفايات هو جرد أي محطة لتجميع الحصيلة، لتكوين صورة في فترة معينة، تحيل على مسار في الماضي، وتقييمه، على مستوى الحمولة المعرفية،و الكفايات المكتسبة، كما يهتم هذا الجرد بالشخصية ، بالمحيط، بالحوافز ، وبمراكز الاهتمام الخاصة بالمستفيد من هذا الجرد بغية بلورة قاعدة معطيات للتفكير في بعد نحو مخرج منطقي عملي قابل للتنفيذ المشروع المهني.​

المراجع:
- Patrick Korenblit; Carole Nicolas; Hélène Lehongre: construire son projet professionnel..., ESF éditeur, 2003
- Anzieu D. Le corps de l'œuvre, Gallimard,1987
- Bellenger La confiance en soi, coll. formation permanente, ESF éditeur, 2001
 
عودة
أعلى